بمناسبة الحوار الوطني المنعقد في البحرين وجهت مؤسسة الامام
الشيرازي العالمية رسالة الى ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى
تدعو فيها الى الغاء الأحكام الجائرة وإطلاق سراح سجناء الرأي
والمصالحة الحقيقة واعتبار القتلى شهداء الوطن ورد الاعتبار
للمتضررين من مختلف الطبقات وعلى الخصوص أساتذة الجامعات
والاطباء وعلماء الدين كمقدمة لحسن النوايا، كما دعت الرسالة
الى انسحاب كافة القوات العسكرية (غير البحرينية) باعتبارها
تمثل عنصر استفزاز لغالبية الشعب البحريني، واعتبرت الرسالة ان
ازمة البحرين يمكن ان تحل عبر حكمة الرجال الصادقين في حل
المشاكل والازمات، المتسامحين مع ابناء شعبهم باسلوب العدل
والانصاف وعدم التمييز وبالاعتماد على حسن النوايا والثقة
المتبادلة.
وفيما
يلي نص الرسالة:
جاءت
دعوتكم للحوار الوطني مع المعارضة البحرينية كحل لإخراج البلاد
من الأزمة السياسية التي بدأت تعصف بها مؤخرا، وهو ما رحبت به
المعارضة إنطلاقاً من مبدأ الحفاظ على سيادة الوطن ووحدة
أبناءه وسد الطريق لمن يحاول اذلال ابناء الشعب البحريني
ومصادرة حرياته عبر التدخل السافر في شؤونه الداخلية بحجة
إعادة فرض الامن والاستقرار وبدوافع طائفية.
وقد
جاءت مشاركة المعارضة في الحوار رغبةً منها في الحلول السلمية
عبر الحوار كأسلوب حضاري تؤكد عليه الشريعة السمحاء وجميع
المواثيق والاعراف الدولية وعدم انتهاج العنف لعدم ايمانها
بهذه الوسيلة في الوصول الى الاصلاح الشامل الذي يضمن للجميع
حقوقهم كمواطنين بحرينيين، وبذلك وافقوا على الحوار الذي دعوتم
اليه كبادرة حسن نية منهم في حل جميع المشاكل العالقة دون
الاستعانة بأي طرف خارجي يحاول استغلال المطالب المشروعة
كذريعة بفرض أجندته السياسية أو العسكرية على أبناء هذا الشعب
المسالم.
غير
ان ما يقلق في الامر وينكأ الجروح هو محاولة خلط الأوراق
وتسويف الحوار بطريقة لن تفضي الى نتيجة محمودة العواقب، فبرغم
ثقتنا على أنكم تفضلون الحوار لتجنيب بلدكم وشعبكم الآلام
والمحن، الا ان الايام التي تقدمت منذ بدء الحوار لا تشير الى
تقدم ملموس في هذا الاتجاه، بل إن بعض الجهات التي التزمت
الدعوات أخطأت في اسلوب التعامل مع الاحداث على النحو الآتي:
أولاً: قامت بملاحقة جميع الشخصيات الوطنية التي قادة
التظاهرات وايداعهم في السجون، فبدل إلغاء الأحكام الجائرة
وإطلاق سراح السجناء وإعادة الاعتبار تمهيدا للحوار الحقيقي
كان التبعيض في الدعوات منهجا واضحا.
ثانياً: توجيه دعوات الحوار الى بعض الجهات المعارضة وليس
لجميع الجهات المطالبة بالإصلاحات السياسية، وبدل ان تدعو
المعارضة الحقيقة الممثلة لنبض الشارع المقهور وتتفاوض معهم
استخدمت أسلوب المهرجان الخطابي ودعت من تطمئن اليه في تأييد
الدولة وتساند مقترحاتها.
ثالثاً: اعتمدت خطاب تصعيدي استفزازي يمجد بالقوات المسلحة
(غير البحرينية) التي انتهكت جميع القوانين والاعراف الاسلامية
والإنسانية ضد المواطنين (بحسب منظمات حقوقية عالمية) وقامت
تتوعد أي تحرك شعبي بإجراء عسكري رادع معتبرةً إن ما فعلته هذه
القوات هو نصر على الاعداء، وبدل ان تهدّأ من الخطاب المتشنج
بقي الاعلام يشهر ويتوعد بمن يطالب بحقوقه ويصفهم بشتى
الاوصاف.
رابعاً: أطلقت يد القوات الامنية على رقاب المواطنين حتى في
مجالات العمل، اضف الى ذلك الاستمرار بفرض حالة من القمع
البوليسي على الشارع وتصعيد الموقف ميدانيا.
وهنا
نتساءل وبشكل واضح، كيف يمكن للمعارضة ان تشارك الحوار وهي في
السجون وكيف يمكن لها إبداء الرأي وهي لاترى آثار الحرية
الحقيقية والديمقراطية، بحيث لا يمكن الاعتقاد بحقيقة الحوار
والمظاهرات السلمية في اغلب المدن والقرى.
اننا
نتطلع الى الغاء الاحكام الصادرة في المحاكم و اطلاق سراح
كافة السجناء واعتبار جميع الذين قتلوا في الاحداث شهداء للوطن
والمصالحة العامة مع جميع ممثلي شرائح المجتمع ورد الاعتبار
للمتضررين من مختلف الطبقات وعلى الخصوص أساتذة الجامعات
والاطباء وعلماء الدين كمقدمة لحسن النوايا من قبل الذين يدعون
انهم ملتزمون بالحوار.
إن أي
حوار حقيقي لابد ان تكون له مقدمات صادقة تمثل حسن النية من
قبل الطرف الذي يدعو اليه، ومن أهم هذه المقدمات:
1-
انسحاب كافة القوات العسكرية (غير البحرينية) لأنها تمثل عنصر
استفزاز لغالبية الشعب البحريني.
2- أن
يكون الحوار شأن داخلي بحيث لا يستعين أي طرف أطراف خارجية لأن
ذلك سوف يؤدي للتدخل السافر في شؤون البلاد.
3-
الغاء الاحكام الصادرة مؤخراً بحق جميع الذين شاركوا في
التظاهرات المطالبة بالإصلاح.
4-
إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفيات سياسية.
إن
بلدكم اليوم هو أحوج ما يكون الى حكمة الرجال الصادقين في حل
المشاكل والازمات، المتسامحين مع ابناء شعبهم والمعتمدين اسلوب
العدل والانصاف وعدم التمييز على أي إعتبار كان، فتحقيق
الاصلاح ليست بمهمة مستحيلة إذا تم بناؤها على حسن النوايا
والثقة المتبادلة.
|